الرئيسية احداث نقابية “مكناس ..بقلب المغرب إعادة إحياء العاصمة الإسماعيلية بين التحدي والطموح”

“مكناس ..بقلب المغرب إعادة إحياء العاصمة الإسماعيلية بين التحدي والطموح”

كتبه كتب في 12 أبريل 2024 - 11:40

م.النوري

لقد مرت عقود على طرح قضية التنمية الاقتصادية والإقليمية من قبل النخب في مكناس، سواء كانوا من الجمعيات أو السياسيين أو النشطاء الحقوقيين. وذلك بالرغم من التدهور الذي شهدته العاصمة الإسماعيلية على جميع الأصعدة، على الرغم من توفرها على مؤهلات زراعية وسياحية وأثرية وطبيعية متميزة. وقد أدت مجموعة من العوامل إلى تفاقم معاناة المدينة التي لا تستحق هذا الإهمال والنسيان لتاريخها العريق الذي يمتد لقرون طويلة.

منصة أهل مكناس، التي تم تأسيسها بمبادرة من جمعية الحي والمدينة في مكناس وتستهدف العام 2030، دعت إلى تعزيز الدفاع عن العاصمة الإسماعيلية. وقد شارك في هذه المبادرة مجموعة من الأساتذة المتخصصين في مجال البحث الزراعي والاستثمار السياحي وإدارة الأعمال، بالإضافة إلى تنظيم الفعاليات والمناسبات.

افتتحت الندوة بكلمة توجيهية من رئيس جمعية الحي والمدينة، الذي أكد أن إنشاء منصة أهل مكناس للدفاع عن تنمية العاصمة الإسماعيلية يأتي كرد فعل للطريق المسدود الذي وصلت إليه التنمية في المدينة، والتي فقدت رؤية واضحة لمساراتها التنموية الاجتماعية والاقتصادية والإقليمية والسياحية بسبب التدهور والتراجع الذي أثر على جميع المجالات في مدينة كانت تُعرف في الماضي بـ “باريس الصغيرة”.

تناولت العروض المقدمة مواضيع متعددة مرتبطة بمسارات التنمية التي تمثل قوة دفع واعدة، خاصة في المجال الزراعي الذي تحدث عنه الدكتور حجيب القاسمي، أستاذ باحث في قسم الاقتصاد الزراعي بالمدرسة الوطنية الزراعية في مكناس. وقد عنون محاضرته بـ “مكناس عاصمة الزراعة في المغرب: رهانات وتحديات المستقبل”، مشيرًا إلى أن تبادل البيانات والخبرات المستندة إلى تراكم الخبرات الميدانية والعلمية يساهم في بناء رؤية شاملة لمواجهة التحديات المطروحة، ويطرح السؤال: هل تعتبر مكناس بالفعل عاصمة للزراعة في المغرب، خاصة مع إقامة وتنظيم المعرض الدولي للزراعة فيها، والذي أصبح، للأسف، مزارًا سياحيًا أكثر من كونه مناسبة دولية تدعم الصناعة الزراعية في مكناس ومحيطها، من خلال تحقيق بُعد تنموي يهدف إلى تنمية مستدامة على جميع المستويات لمواجهة التحديات المستقبلية المتعلقة بالأمن الغذائي للمغاربة، بالإضافة إلى إرساء سياسة زراعية صناعية وتحويلية وتصديرية، حيث يصبح السؤال المطروح من قبل سكان المدينة حول القيمة المضافة للمعرض الدولي، خاصة مع تعثر المنطقة الصناعية الزراعية في بوفكران (أكروبوليس)، والتي لم تتمكن، على الرغم من إمكاناتها التقنية واللوجستية، من تحقيق الأهداف التي أُنشئت من أجلها، والتي تتطلع إلى تحقيق توجه صناعي تحويلي للمنتجات الزراعية وتثمينها.

أكد الدكتور القاسمي في محاضرته على الاتجاه الرقمي والتكنولوجي لدعم الاستدامة والتنافسية في المجال الزراعي، وذلك من خلال اعتماد التدريب والبحث والابتكار لجعل الزراعة رافدًا للإدماج الاجتماعي على جميع المستويات.

أما التحديات المتعلقة بالمجال السياحي، فقد كانت موضوع مداخلة الأستاذ أمين بنونة، رئيس المجلس الإقليمي للسياحة في مكناس، والتي قدمت أساسًا تحليليًا للمشكلات والعقبات التي تعيق الاستثمار في مجال البنية التحتية السياحية ومواجهة العقبات التي تواجه السياحة في مدينة مكناس. وعلى الرغم من جميع الإمكانات المتاحة تاريخيًا وتراثيًا وبيئيًا وإقليميًا، تظل مدينة مكناس غير قادرة على جذب الأفواج السياحية بسبب ضعف البنية التحتية السياحية القادرة على تلبية الاحتياجات الملحة للزوار، خاصةً فيما يتعلق بكفاءات الاستقبال والتواصل اللغوي والمدارات السياحية والأمن ومستوى المطاعم والفنادق والتخصص والنقل.

في مداخلتها، أشارت الأستاذة سليمة حموجيت، المستشارة في مجال السياحة وتنظيم الفعاليات، إلى أن تحديات القطاع السياحي بمكناس تشمل مختلف الجوانب والتخصصات المتعلقة بالتسويق السياحي وإدارته. وأكدت على أهمية الرؤية المستقبلية لهذا القطاع الذي يعد عنصرًا محوريًا في الاقتصاد والمجتمع، ويسهم في تعزيز سمعة المغرب. ولفتت إلى أن مكناس، بتاريخها العريق الذي يعود إلى العصر الروماني وحكم يوبا الثاني وابنه بطليموس، تمتلك إرثًا ثقافيًا وحضاريًا غنيًا يمكن استثماره سياحيًا. ومع ذلك، أشارت إلى أن مكناس لم تحظ بعد بالمكانة التي تستحقها على الخريطة السياحية المغربية والإقليمية، وأنها تظل مجرد نقطة عبور.

وأكدت على ضرورة تطوير رؤية شاملة ومتجددة تلبي احتياجات السياح وتستغل الثراء السياحي لمكناس بشكل فعال وتسويقه عالميًا للتغلب على التحديات التي تواجهها.

من جانبه، ركز الدكتور بلقاضي محمد شكري، الخبير في إدارة الأعمال والاقتصاد الأخضر، على العلاقة بين التنمية الاقتصادية والسياحة والبيئة في مكناس، مشيرًا إلى أهمية الجمع بين الجانبين السياحي والبيئي كعامل جذب للسياح الدوليين. وأشار إلى أن الترويج للسياحة يجب أن يتماشى مع المفاهيم الدولية المتعلقة بالاقتصاد الأخضر والدائري، والحفاظ على التنوع البيولوجي والبيئة.

وأخيرًا، تميزت مداخلات الفعاليات الجمعوية بتحليل عميق للعقبات التي تعيق التنمية في مكناس، ليس فقط في الجانب السياحي، بل أيضًا في الإدارة والتنمية الاجتماعية والاقتصادية، مشيرة إلى أن غياب المسؤولية والمحاسبة قد أدى إلى تفاقم المشكلات والتحديات التي تواجه المدينة.

 

مشاركة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *